جمعية ابو الصنقيع الثقافيه الدولية رئيس الجمعية جعفر الخابوري
صفحة 1 من اصل 1
جمعية ابو الصنقيع الثقافيه الدولية رئيس الجمعية جعفر الخابوري
مجرد قصة
محمد فاضل العبيدلي
مستشار في مركز دبي لبحوث السياسات العامة
محمد فاضل العبيدلي
تكبير الخطتصغير الخط
في اكتوبر/ تشرين الأول ،1980 قادتني قدماي إلى مبنى «أخبار الخليج» القديم في شارع المعارض طلباً للعمل كصحافي. قابلت رئيس التحرير وقتذاك أحمد سلمان كمال وأرسلني من فوره الى الزميل سيد حجازي. لم يضع حجازي الكثير من الوقت وكلفني بمهمة في وزارة المالية. في اليوم التالي، اتصلت بالشخص المعني في وزارة المالية وهذا لم يكن سوى مدير إدارة الميزانية العامة حسن فلاح في ذلك الوقت وعدت منه بخبر صغير. حررت الخبر ووضعته أمام سيد حجازي وكان الزميل لطفي نصر جالسا بقربه. علق حجازي بشكل مقتضب: «الخبر مكتوب كويس». اطل «أبوالالطاف» على الخبر بدوره وأكد الملاحظة وسألني: هل عملت صحافيا من قبل؟ الجواب: كلا. وتعين علي ان اشرح انني اثناء دراستي للاقتصاد والعلوم السياسية في القاهرة، كنت اساهم بالكتابة في مجلات حائطية كان يصدرها فرع الاتحاد الوطني لطلبة البحرين فرع القاهرة. تم تكليفي بتغطيات اخرى وابلغت انني سأكون تحت الاختبار لمدة ثلاثة اشهر قبل ان تقرر الصحيفة ما إذا كنت أصلح للعمل كصحافي أم لا. بدأت أداوم في مبنى الصحيفة كل يوم وكانت تلك أياما مليئة بمشاعر الغضب لأنني لا أعرف كيف انجز مهماتي. كنت احمل شحنات الغضب في داخلي لاني كنت أرى زملائي يأتون بالاخبار وانا جالس انتظر البداية المناسبة. كان الصديق العزيز إبراهيم راشد الذي انتهى به المطاف استاذا في جامعة الشارقة الآن يحاول شد أزري ويقترح علي تغطيات وموضوعات للمتابعة، لكنني كنت ضائعا. حررت أخباراً صغيرة وقمت مع ابراهيم بتغطية فعاليات للأندية واحتفالات وحريق التهم نصف اكواخ السعف في السقية. لكن على رغم ذلك كنت مازلت اعيش صراعاً داخلياً. فحتى تلك اللحظة لم احسم ما إذا كنت سأستمر في المهنة أم لا. كانت المغريات لا تحصى وتذكروا اننا نتحدث عن بداية الثمانينات، أوج الطفرة النفطية والمشروعات الكبرى والشركات العملاقة. لم اكن املك سيارة وكنت أقوم بتغطية مهماتي باستخدام باصات النقل العام. وعندما شكوت الأمر إلى إدارة المؤسسة ردوا: لماذا لا تفعل مثلما كان يفعل الزميل محمد بخيت؟ كان يستقل النقل العام طيلة سنوات قبل ان يشتري سيارته الخاصة؟. فعلت مثلما فعل الصديق بوياسر، وأحياناً كنا نخرج مجموعة من الصحافيين في سيارة واحدة. غالباً مع عبدالمطلب الصيرفي واحيانا مع خليل يوسف واحياناً مع إبراهيم راشد. تحسن الأمر قليلاً، وبدأت الأخبار تتزايد وتتنوع لكن ليس الى حد الإنتاج الكبير. بدأت اجري تحقيقات وان كانت بصعوبة وكنت اعتقد ان تحقيقاتي نهائية لا يجوز لأحد المساس بها أو تعديلها. وكنت اعتقد أن هذه أقصى ما يمكن ان يبدعه صحافي. وكنت اعتقد أن تحقيقاتي أفضل من تحقيقات زملاء آخرين وكان هذا مدعاة لتوترات لا تنتهي. قبل ان ينقضي الشهر الثالث من فترة الاختبار، أبلغت من قبل الصحيفة بأنني مقبول للعمل في الصحيفة وان العقد سيوقع معي اعتبارا من الاول من يناير/ كانون الثاني .1981 تم توقيع العقد وكان راتبي 200 دينار بحريني مخصوماً منها 20 ديناراً، اشتراك التأمينات الاجتماعية فيصبح الصافي 180 دينارا. لن يكون لهذا الرقم أية قيمة إلا إذا تذكرنا أننا في بداية الثمانينات في أوج الطفرة النفطية، الوقت الذي كان فيه الفراشون في المصارف يستلمون 300 دينار وأكثر وضعفها من الشاي والقهوة. الوقت الذي كان فيه موظفو المصارف يستلمون من 4 6 رواتب إضافية نهاية العام. الوقت الذي شهد حمى شراء الأسهم وظهور الاثرياء الجدد. وكانت البلدوزرات تدك المباني القديمة المتهالكة لتنهض مكانها بنايات متعددة الطوابق. تسلمت أول مكافأة خصوصاً بعد ان كتبت مقالاً أعلق فيه على تحقيق اجرته الصحيفة عن أوضاع الصحافة، كانت 20 ديناراً، لكن اثرها المعنوي كان أكبر. عشر سنوات قضيتها في «اخبار الخليج»، تسلمت أول مسئولية فيها في العام 1987 أي بعد ست سنوات من بداية عملي ولم تكن مسئولية كبيرة. وعندما غادرتها كان راتبي قد وصل إلى 425 دينارا. لماذا اتذكر هذا الآن؟ ثمة من يعرف وهم زملائي واصدقائي القريبون مني، البعض سيأخذ ما يشاء من مدلولات والبعض سيفهم مدلولات اخرى. الدرس الأهم الذي تعلمته من هذا المشوار الذي استغرق 25 عاما: السر في الحب. بل، قل في الشغف، وهذا يستتبع أمراً آخر: (التواضع)
إقرأ أيضا لـ "محمد فاضل العبيدلي"
العدد 1201 - الإثنين 19 ديسمبر 2005م الموافق 18 ذي القعدة 1426هـ
محمد فاضل العبيدلي
مستشار في مركز دبي لبحوث السياسات العامة
محمد فاضل العبيدلي
تكبير الخطتصغير الخط
في اكتوبر/ تشرين الأول ،1980 قادتني قدماي إلى مبنى «أخبار الخليج» القديم في شارع المعارض طلباً للعمل كصحافي. قابلت رئيس التحرير وقتذاك أحمد سلمان كمال وأرسلني من فوره الى الزميل سيد حجازي. لم يضع حجازي الكثير من الوقت وكلفني بمهمة في وزارة المالية. في اليوم التالي، اتصلت بالشخص المعني في وزارة المالية وهذا لم يكن سوى مدير إدارة الميزانية العامة حسن فلاح في ذلك الوقت وعدت منه بخبر صغير. حررت الخبر ووضعته أمام سيد حجازي وكان الزميل لطفي نصر جالسا بقربه. علق حجازي بشكل مقتضب: «الخبر مكتوب كويس». اطل «أبوالالطاف» على الخبر بدوره وأكد الملاحظة وسألني: هل عملت صحافيا من قبل؟ الجواب: كلا. وتعين علي ان اشرح انني اثناء دراستي للاقتصاد والعلوم السياسية في القاهرة، كنت اساهم بالكتابة في مجلات حائطية كان يصدرها فرع الاتحاد الوطني لطلبة البحرين فرع القاهرة. تم تكليفي بتغطيات اخرى وابلغت انني سأكون تحت الاختبار لمدة ثلاثة اشهر قبل ان تقرر الصحيفة ما إذا كنت أصلح للعمل كصحافي أم لا. بدأت أداوم في مبنى الصحيفة كل يوم وكانت تلك أياما مليئة بمشاعر الغضب لأنني لا أعرف كيف انجز مهماتي. كنت احمل شحنات الغضب في داخلي لاني كنت أرى زملائي يأتون بالاخبار وانا جالس انتظر البداية المناسبة. كان الصديق العزيز إبراهيم راشد الذي انتهى به المطاف استاذا في جامعة الشارقة الآن يحاول شد أزري ويقترح علي تغطيات وموضوعات للمتابعة، لكنني كنت ضائعا. حررت أخباراً صغيرة وقمت مع ابراهيم بتغطية فعاليات للأندية واحتفالات وحريق التهم نصف اكواخ السعف في السقية. لكن على رغم ذلك كنت مازلت اعيش صراعاً داخلياً. فحتى تلك اللحظة لم احسم ما إذا كنت سأستمر في المهنة أم لا. كانت المغريات لا تحصى وتذكروا اننا نتحدث عن بداية الثمانينات، أوج الطفرة النفطية والمشروعات الكبرى والشركات العملاقة. لم اكن املك سيارة وكنت أقوم بتغطية مهماتي باستخدام باصات النقل العام. وعندما شكوت الأمر إلى إدارة المؤسسة ردوا: لماذا لا تفعل مثلما كان يفعل الزميل محمد بخيت؟ كان يستقل النقل العام طيلة سنوات قبل ان يشتري سيارته الخاصة؟. فعلت مثلما فعل الصديق بوياسر، وأحياناً كنا نخرج مجموعة من الصحافيين في سيارة واحدة. غالباً مع عبدالمطلب الصيرفي واحيانا مع خليل يوسف واحياناً مع إبراهيم راشد. تحسن الأمر قليلاً، وبدأت الأخبار تتزايد وتتنوع لكن ليس الى حد الإنتاج الكبير. بدأت اجري تحقيقات وان كانت بصعوبة وكنت اعتقد ان تحقيقاتي نهائية لا يجوز لأحد المساس بها أو تعديلها. وكنت اعتقد أن هذه أقصى ما يمكن ان يبدعه صحافي. وكنت اعتقد أن تحقيقاتي أفضل من تحقيقات زملاء آخرين وكان هذا مدعاة لتوترات لا تنتهي. قبل ان ينقضي الشهر الثالث من فترة الاختبار، أبلغت من قبل الصحيفة بأنني مقبول للعمل في الصحيفة وان العقد سيوقع معي اعتبارا من الاول من يناير/ كانون الثاني .1981 تم توقيع العقد وكان راتبي 200 دينار بحريني مخصوماً منها 20 ديناراً، اشتراك التأمينات الاجتماعية فيصبح الصافي 180 دينارا. لن يكون لهذا الرقم أية قيمة إلا إذا تذكرنا أننا في بداية الثمانينات في أوج الطفرة النفطية، الوقت الذي كان فيه الفراشون في المصارف يستلمون 300 دينار وأكثر وضعفها من الشاي والقهوة. الوقت الذي كان فيه موظفو المصارف يستلمون من 4 6 رواتب إضافية نهاية العام. الوقت الذي شهد حمى شراء الأسهم وظهور الاثرياء الجدد. وكانت البلدوزرات تدك المباني القديمة المتهالكة لتنهض مكانها بنايات متعددة الطوابق. تسلمت أول مكافأة خصوصاً بعد ان كتبت مقالاً أعلق فيه على تحقيق اجرته الصحيفة عن أوضاع الصحافة، كانت 20 ديناراً، لكن اثرها المعنوي كان أكبر. عشر سنوات قضيتها في «اخبار الخليج»، تسلمت أول مسئولية فيها في العام 1987 أي بعد ست سنوات من بداية عملي ولم تكن مسئولية كبيرة. وعندما غادرتها كان راتبي قد وصل إلى 425 دينارا. لماذا اتذكر هذا الآن؟ ثمة من يعرف وهم زملائي واصدقائي القريبون مني، البعض سيأخذ ما يشاء من مدلولات والبعض سيفهم مدلولات اخرى. الدرس الأهم الذي تعلمته من هذا المشوار الذي استغرق 25 عاما: السر في الحب. بل، قل في الشغف، وهذا يستتبع أمراً آخر: (التواضع)
إقرأ أيضا لـ "محمد فاضل العبيدلي"
العدد 1201 - الإثنين 19 ديسمبر 2005م الموافق 18 ذي القعدة 1426هـ
مواضيع مماثلة
» جمعية ابو الصنقيع الثقافيه الدولية رئيس الجمعية جعفر الخابوري
» جمعية ابو الصنقيع الثقافيه الدولية رئيس الجمعية جعفر الخابوري
» جمعية ابو الصنقيع الثقافيه الدولية رئيس الجمعية جعفر الخابوري
» جمعية ابو الصنقيع الثقافيه الدولية رئيس الجمعية جعفر الخابوري
» جمعية ابو الصنقيع الثقافيه الدولية رئيس الجمعية جعفر الخابوري
» جمعية ابو الصنقيع الثقافيه الدولية رئيس الجمعية جعفر الخابوري
» جمعية ابو الصنقيع الثقافيه الدولية رئيس الجمعية جعفر الخابوري
» جمعية ابو الصنقيع الثقافيه الدولية رئيس الجمعية جعفر الخابوري
» جمعية ابو الصنقيع الثقافيه الدولية رئيس الجمعية جعفر الخابوري
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى